فصل: الشاهد الثمانون بعد الستمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.خروج السلطان من الكرك وظفره بعساكر الشام وحصاره دمشق.

ولما بلغ الخبر إلى السلطان الظاهر بالكرك بأن منطاش استقل بالدولة وحبس البيبقاوية جميعا وأذال منهم بأصحابه أهمته نفسه وخشي غائلته ولم يكن عند منطاش لأول استقلاله أهم من شأنه وشأن السلطان فكتب إلى حسن الكشكي نائب الكرم بقتله وقد كان الناصري أوصاه في وصيته حين وكله به أن لا يمكنه ممن يرومه بسوء فتجافى عن ذلك واستدعى البريدي وفاوض أصحابه وقاضي البلد وكاتب السر فأشاروا بالتحرز من دمه جهد الطاقة فكتب إلى منطاش معتذرا بالخطر الذي في ارتكابه دون اذن السلطان والخليفة فأعاد عليه الكتاب مع كتاب السلطان والخليفة بالاذن فيه واستحثه في الاجهاز عليه فأنزل البريدي وعلله بالوعد وطاوله يرجو المخلص من ذلك وكانوا يطوون الأمر عن السلطان شفقة واجلالا فشعر بذلك وأخلص اللجأ إلى الله والتوسل بإبراهيم الخليل لأنه كان يراقب مدفنه من شباك في بيته وانطلق غلمانه في المدينة حتى ظفروا برجال داخلوهم في حسن الدفاع عن السلطان وأفاضوا فيهم فأجابوا وصدقوا ما عاهدوا عليه واتعدوا لقتال البريدي وكان منزله بازاء السلطان فتوافوا ببابه ليلة العاشر من رمضان وهجموا عليه فقتلوه ودخلوا برأسه إلى السلطان وشفار سيوفهم دامية وكان النائب حسن الكشكي يفطر على سماط السلطان تأنيسا لهم فلما رآهم دهش وهموا بقتله فأجاره السلطان وملك السلطان أمره بالقلعة وبايعه النائب وصعد إليه أهل المدينة من الغد فبايعوه ووفد عليه عرب الضاحية من بني عقبة وغيرهم فأعطوه طاعتهم وفشا الخبر في النواحي فتساقط إليه مماليكه من كل جهة وبلغت أخباره إلى منطاش فأوعز إلى ابن باكيش نائب غزة أن يسير العساكر إلى الكرك وتردد السلطان بين لقائه أو النهوض إلى الشام ثم أجمع المسير إلى دمشق فبرز من الكرك منتصف شوال فعكسر بالقبة وجمع جموعه من العرب وسار في ألف أو يزيدون من العرب والترك وطوى المراحل إلى الشام وسرح جنتمر نائب دمشق العساكر لدفاعه فيهم أمراء الشام وأولاد بندمر فالتقوا بشقحب وكانت بينهم واقعة عظيمة أجلت عن هزيمة أهل دمشق وقتل الكثير منهم وظفر السلطان بهم واتبعهم إلى دمشق ونجا الكثير منهم إلى مصر ثم أحس السلطان بأن ابن باكيش وعساكره في اتباعه فكر إليهم وأسرى ليلته وصبحهم على غفلة في عشر ذي القعدة فانهزموا ونهب السلطان وقومه جميع ما معهم وامتلأت أيديهم واستفحل أمره ورجع إلى دمشق ونزل بالميدان وثار العوام وأهل القبيبات ونواحيها بالسلطان وقصدوه بالميدان فركب ناجيا وترك أثقاله فنهبها العوام وسلبوا من لقوه من مماليكه ولحق بقبة بلبغا فأقام بها وأغلقوا الأبواب دونه فأقام يحاصرهم إلى محرم سنة اثنتين وتسعين وكان كمشيقا الحموي نائب حلب قد أظهر دعوته في عمله وكاتبه بذلك عندما نهض من الكرك إلى الشام كما نذكره ولما بلغه حصاره لدمشق تجهز للقائه واحتمل معه ما يزيح على السلطان من كل صنف وأقام له أبهة ووصل اينال اليوسفي وقجماش ابن عم السلطان وجماعة من الأمراء كانوا محبوسين بصفد وكان مع نائبها جماعة من مماليك السلطان يستخدمون فغدروا به وأطلقوا من كان من الأمراء في سجن صفد كما نذكر ولحقوا بالسلطان وتقدمهم اينال وهو محاصر لدمشق فأقاموا معه والله تعالى أعلم.

.ثورة المعتقلين بقوص ومسير العساكر إليهم واعتقالهم.

ولم بلغ الخبر إلى الأمراء المحبوسين بقوص خلاص السلطان من الاعتقال واستيلاؤه على الكرك واجتماع الناس إليه فثاروا بقوص أوائل شوال من السنة وقبضوا على الوالي بها وأخذوا من مودع القاضي ما كان فيه من المال وبلغ خبرهم إلى مصر فسرح إليهم العساكر ثم بلغه أنهم ساروا إلى أسوان وشايعوا الوالي بها حسن بن قرط فلحن لهم بالوعد وعرض بالوفاق فطمعوا واعتزموا أن يسيروا من وادي القصب من الجهة الشرقية إلى السويس ويسيروا من هناك إلى الكرك ولما وصل خبر ابن قرط أخر منطاش سندمر بن يعقوب شاه ثامن عشرين من السنة وانكفأ جموعه وسار على العدوة الشرقية في جموعه لاعتراضهم فوصل إلى قوص وبادر ابن قرط فخالفه إلى منطاش بطاعته فأكرمه ورده على عمله فوافى ابن يعقوب شاه بقوص وقد استولى على النواحي واستنزل الأمراء المخالفين ثم قبض عليهم وقتل جميع من كان معهم من مماليك السلطان الظاهر ومماليك ولاة الصعيد وجاء بالأمراء إلى مصر فدخل بهم منتصف ذي الحجة من السنة فأفرج عن أربعة منهم سوماي اللاي وحبس الباقين والله تعالى أعلم.